بعد أزمة الاهلي والزمالك.. التدخلات الحكومية في الأزمات الرياضية والشبابية بين الضرورة وتجاوز الصلاحيات

منذ تولي الدكتور منصب وزير الشباب والرياضة في يونيو 2018، قام بعدة تدخلات لحل الأزمات الرياضية والشبابية التي تطرأ في مصر علي الساحة الرياضية.
وقد تنوعت هذه التدخلات الحكومية بين قرارات ساهمت في إنقاذ مواقف معقدة وحماية المصالح الوطنية، وبين مواقف أخرى أثارت الجدل حول مدى ضرورة تدخل الوزارة في بعض القضايا.
وهنا يبرز التساؤل الذي يطرحه موقع “كورافيا”: متى يصبح التدخل الحكومي ضرورة لحل المشكلات قبل تفاقمها، ومتى ينبغي ترك الأمور لأصحابها لتجنب تجاوز الصلاحيات؟
وفي هذا السياق، نسلط الضوء على عدد من القضايا التي بادر الدكتور بالتدخل لحلها، إيمانًا منا بأهمية عرض هذه المواقف لإيصال الرسالة للقارئ.
التدخلات الإيجابية التي جنّبت الأزمات
1. أزمة أولمبياد باريس 2024 ودعم اللاعبين
قبل انطلاق في باريس 2024، تعرض بعض اللاعبين المصريين لحملات انتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب التوقعات المرتفعة بشأن أدائهم.
وفي هذا الشأن، تدخل الوزير بشكل مباشر لدعم البعثة المصرية معنويًا، مؤكدًا أن الوزارة قدمت كل الدعم اللازم لضمان أفضل استعداد للمنافسات. ولم يكن هذا التدخل مجرد دعم نفسي للرياضيين، بل ساهم أيضًا في تخفيف الضغط الإعلامي عليهم، مما عزز قدرتهم على التركيز وتحقيق أداء متميز.
2. حل الخلافات بين الرياضيين للحفاظ على الاستقرار
في يوليو 2024، شهدت الساحة الرياضية خلافًا بين اللاعبتين جنى عليوة وشهد سعيد، مما هدد بانقسام داخل المنتخب، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض.
وتدخل الدكتور أشرف صبحي شخصيًا لعقد جلسة صلح بين اللاعبتين، وهو ما أسهم في إعادة الانسجام إلى الفريق، وضمان تركيز اللاعبين على المنافسات بدلًا من الصراعات الداخلية.
كما شهدت الساحة الرياضية أزمات أخرى، مثل الخلاف الذي وقع بين لاعبي نادي أثناء تواجدهم في المملكة العربية السعودية، وأيضًا الجدل الذي أُثير خلال بشأن المصارع المصري كيشو، بعد الحادث الذي تعرض له. وقد خرج الوزير حينها، إلى جانب بيان السفارة المصرية، ليؤكد أن ما حدث لكيشو لم يكن كما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
3. دعم الأندية في الأزمات المالية
خلال السنوات الماضية، واجهت بعض الأندية أزمات مالية كادت تؤدي إلى انهيارها أو فقدان قدرتها على المنافسة. وفي هذه الحالات، كان تدخل الوزارة ضروريًا، حيث تم توفير الدعم اللازم من خلال برامج الرعاية والاستثمار الرياضي، مما ساعد على استقرار هذه الأندية دون المساس باستقلاليتها الإدارية.
4. تطوير البنية التحتية الرياضية
في مارس 2023، قام الوزير بوضع حجر الأساس لإنشاء مضمار الهجن والفروسية الدولي بمحافظة الوادي الجديد، بهدف دعم ونشر رياضة الهجن والفروسية في مصر. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أحدث طفرة في تطوير المنشآت الشبابية والرياضية، من خلال تحويل مراكز الشباب إلى كيانات تقدم خدمات حقيقية لجميع أبناء الوطن المصري في مختلف المحافظات.
التدخلات التي أثارت الجدل حول حدود الدور الوزاري
1. أزمة مباراة القمة بين والزمالك
في مارس 2025، وبعد إلغاء مباراة القمة بين الأهلي والزمالك بسبب خلافات حول التحكيم، تدخل الوزير لمحاولة إقامة المباراة بحكام أجانب من السعودية.
وقد أثار هذا التدخل انتقادات، حيث اعتبره البعض تجاوزًا لاختصاصات الاتحاد المصري لكرة القدم، الذي يُفترض أن يكون الجهة المسؤولة عن تنظيم المباريات وفقًا للوائح المعتمدة.
كما تساءل البعض عن سبب التدخل في هذا التوقيت تحديدًا، ولماذا لم يتحرك المسؤولون المعنيون قبل تفاقم الأزمة.
وسبق ان تدخل الوزير الموسم الماضي بعدما اعلن الزمالك رفضه خوض مباراة الاهلي وحينها طلب الوزير من إدارة الزمالك ارسال خطاب رسمي بعدم خوص المباراة لعدم تواجد فريق واحد بالملعب وتتناقل وسائل الاعلام صورة غير جيدة عن الكرة المصرية.
2. بيان اللجنة البارالمبية المصرية وفتح التحقيق
كان من بين أكثر القرارات المثيرة للجدل البيان الصادر عن الوزارة بشأن اللجنة البارالمبية المصرية وفتح تحقيق حول إدارتها.
وقد قوبل هذا التدخل بانتقادات واسعة، حيث اعتبره البعض تجاوزًا لصلاحيات الوزارة، خاصة أن اللجنة البارالمبية كيان مستقل إداريًا وماليًا وفقًا للوائح الدولية. ورأى آخرون أن مثل هذه القضايا يجب أن تُدار داخليًا وفقًا للوائح اللجنة ذاتها، دون تدخل مباشر من الوزارة، إلا في حال وجود مخالفات مالية أو قانونية تستدعي الإحالة للجهات المختصة.
3. التدخل في قرارات الأندية والاتحادات
أحيانًا، تضمنت تصريحات الوزير إشارات إلى المسؤوليات المالية والإدارية للأندية والاتحادات، مثل تصريحه الأخير بأن “المال العام مسؤولية من يدير، والكل مسؤول عن قراره”.
وقد فُسرت هذه التصريحات على أنها تدخل غير مباشر في شؤون الهيئات المستقلة، مما أثار نقاشًا حول مدى تأثير مثل هذه المواقف على استقلالية القرار الرياضي.
4. التدخل في شؤون اتحاد كرة القدم
في يونيو 2022، وخلال أزمة داخل اتحاد كرة القدم المصري، أوضح الوزير أن القانون لا يسمح له بإقالة مجلس إدارة الاتحاد إلا في حال وجود مخالفات مالية أو صدور حكم قضائي بحق الأعضاء.
وقد جاء هذا التصريح لتوضيح حدود صلاحيات الوزير والوزارة، لكنه في الوقت ذاته أثار جدلًا حول دور الوزارة في الإشراف على الاتحادات الرياضية.
5. أزمة مركز شباب استاد المنصورة
في مايو 2024، تدخل الوزير في أزمة مركز شباب استاد المنصورة، الذي يضم 40 ألف عضوية، حيث قرر تحويله إلى مركز تنمية شبابية.
وقد أثار هذا القرار جدلًا واسعًا بين أعضاء المركز، حيث رأى البعض أنه قد يؤثر على الخدمات المقدمة لهم. وعلى إثر ذلك، تقدم أحد النواب بطلب إحاطة لمناقشة الأمر، وهو ما رد عليه الدكتور أشرف صبحي لاحقًا.
التوازن بين التدخل الحكومي والاستقلالية المؤسسية
إن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق التوازن بين التدخل الواعي لحل الأزمات، وترك المساحة للأطراف المعنية لتحمل مسؤولياتها.
فالتدخل الحكومي يجب أن يكون أداة لحماية المصلحة العامة ومنع الأزمات، لا أن يكون بديلاً عن المسؤوليات التي ينبغي أن تتحملها المؤسسات الرياضية والشبابية.
ومن هنا، فإن تعزيز ثقافة الحوكمة الرشيدة والاستقلالية في اتخاذ القرار هو ما يضمن استدامة وتطور القطاعين الرياضي والشبابي في مصر.
تعليقات